August 2, 2012

تواري


on Sunday, June 10, 2012 at 5:35pm ·

‎واستعمل "السكايب" ليخبر اتباعه في مدننا، أن يرجموا أشياءنا القديمة، التي لطالما لعبنا حولها دون ان نعي كثيرا من معالمها. أنه يخشى في ذات ليله، ذات وعكه، أن نسجد لها
‎ 
لم يكن حوارا لذيذا، لم أكن متلهفا لألفظ أياًّ من ردودي المشاكسة أو الملتحفة بالنص، كانت جلسة عوراء، منتهى رؤيتها رأس أنفها، ومجالها كلمات سُمعت ذات شتيمة، ذات إنتكاسة لكل العقول وكل الثمرات البديعة. أبداً لم تكن كجلسات البدايات الكريمة ولا النهايات الوديعة، هكذا نُزلت، مِلْظَاظُة، ملعاة كشاة العيد، متراخيةٌ محاسنها، هكذا كُتبت علي ألواح موسى، بائع "السمينسا" التونسي، ونطقَهَا واعظ "بالخير"، الحاج بوذا، اسرع من يلعب "أُم السبع". كانت جلسة مريضة، كأرضنا، وكنتُ مُرهقا، عليلا، قلبي على وطني، على مدينتي، التي جُبتُ أزقتها، وأعرف ثنايا تراكينها وملاذاتها، أعرف أين تسكن بناتها الجميلات، وأمهاتهن الصاخبات، هذي الغيلان اليقظة.
‎كنت قد ازددتُ يأسا باللحظة، كان الفتي ودودا أحيانا، أعرف هذا لأنه كان يناديني أستاذ مبروك، وأحيانا دكتور مبروك، علامات الإحترام السهل السهْب في ليبيا. كان يفعل ذلك وهو يخرج ما في جعبةَ شيخهِ من آحاديث وعناعن، تدحض ما أعرف وأقول، كانت لحظات الإخراج هذه كالتوليد العسير، يصير نطقها فظا، خليجيّ النبرة، آمراً بشئ ما، قلق فمهه، وعراً، لايمتثل لجغرافيتنا، بقعتنا، سَهْلة الخَدَّين تلك. "نحن نخشى ان تعبدوها"، انتم تخشون! إجابتي كانت موقدة "من انتم؟" هذا السؤال الممتلؤ بأشياء وأشياء، أحتفى حُنقيِّ المزدحم ، إنهم الأوصياء علي عقولنا اليوم، لقد نصبهم كُبراؤهم أئِمَّةٌ للإرادات، وسلاطينا للضمائر، وجلادين للشهوات. ولكي لاتلتهمني شهوة عبادة تماثيل المدينة، هاهو ملتحي نواحي مكة يمنع عنيِّ النار، و يزلفني لأنهار العسل واللبن، كما فعل، من قبلهِ، الحشاشون، حذو قلعة آلموت. هاهو هذا الإنبعاث "السكايبي"، يكتنز شرعيته من سكناه قرب عقار مقدس، يفلفل لحيته المبعثرة علي الوجه الأقرب الي الهندي او البنغالي، قصيرا منتفخاً، وكأنه بئر لأرز "الكبسة". صرخ وبانت اسنانه المتآكل بياضها، كأنها حُكت بقداسة؛ "ارجوك. لا تنعت عُلماءنا بالحشاشين، انهم لا يدخنون". لم يكن لذي رغبة في السخرية من إبن مدينتي الملتحي. لم ولن يكون هو عدوي، فأنا لا أبحت عن عداءات البلهاء، ليس تعجرفا، بل رفقا بكائنات مدينتي. عذرا "ولد شارعي"، المدينة تأبى التواري، تأبى أن تُدك، ان تُصبح ملاذ الغربان الفَليقَة. يا ابنّ هذي الفسيفساء، لمدينتي قصة أُخرى، لن يكتبها إبن سائق أُمهِ، لن يُعريِّ حشمتها نديم البلاط، ويقبر دلعها الأنثوي الباغث. فأنا لن اذهب بعيداً بعد اليوم، سَهْلُ الوجه أنا، وأترككَ لهم، يسرقونك منا

طرابلس
10.06.12


‎    •    الارض المريضة: من كثرت فيها الفتن
‎    •    سَهْلة الخَدَّين: كالسجحاء، تنساب عليها الماء بسهولة
‎    •    سَهْلُ الوجه: غير ممتلئ الوجه